الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فلبثت سنين في أهل مدين} [طه: 40] قال: عشر سنين {ثم جئت على قدر يا موسى} [طه: 40] قال على موعد.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ثم جئت على قدر} قال: الميقات.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ثم جئت على قدر} قال: على موعد.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: {ولا تنيا في ذكري} قال لا تضعفا.وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة- رضي الله عنه- مثله.وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد- رضي الله عنه- مثله.وأخرج الطستي، عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله- عز وجل- {ولا تنيا عن ذكري} قال: ولا تضعفا عن أمري.قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت الشاعر وهو يقول:
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: {ولا تنيا} قال: لا تبطئا.وأخرج ابن أبي حاتم، عن علي رضي الله عنه في قوله: {فقولا له قولًا لينًا} قال: كنه.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله: {فقولا له قولًا لينًا} قال: كنِّياه.وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سفيان الثوري: {فقولا له قولًا لينًا} قال: كنياه يا أبا مرة.وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن {فقولا له قولًا لينًا} قال اعذرا إليه، وقولا له: إن لك ربًا ولك معادًا وإن بين يديك جنة ونارًا.وأخرج ابن أبي حاتم، عن الفضل بن عيسى الرقاشي أنه تلا هذه الآية {فقولا له قولًا لينًا} فقال: يا من يتحبب إلى من يعاديه، فكيف بمن يتولى ويناديه؟.وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {لعله يتذكر} قال: هل يتذكر.وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {إنا نخاف أن يفرط علينا} قال: يعجل {أو أن يطغى} قال: يعتدي.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى} قال: عقوبة منه.وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى} قال: أسمع ما يقول {وأرى} ما يجاوبكما، فأوحي إليكما فتجاوباه.وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم بسند جيد، عن ابن مسعود قال: لما بعث الله موسى إلى فرعون، قال: رب، أي شيء أقول؟ قال: قل أهيا شرًا هيا. قال الأعمش: تفسير ذلك، الحي قبل كل شيء، والحي بعد كل شيء.وأخرج أحمد في الزهد، عن ابن عباس قال: لما بعث الله موسى إلى فرعون قال: لا يغرنكما لباسه الذي ألبسته، فإن ناصيته بيدي، فلا ينطق ولا يطرف إلا بإذني، ولا يغرنكما ما متع به من زهرة الدنيا وزينة المترفين، فلو شئت أن أزينكما من زينة الدنيا بشيء، يعرف فرعون أن قدرته تعجز عن ذلك لفعلت، وليس ذلك لهوانكما علي، ولكني ألبستكما نصيبكما من الكرامة على أن لا تنقصكما الدنيا شيئًا، وإني لأذود أوليائي عن الدنيا، كما يذود الراعي إبله عن مبارك الغيرة، وإني لأجنبهم كما يجنب الراعي إبله عن مراتع الهلكة، أريد أن أنور بذلك صدورهم، وأطهر بذلك قلوبهم فيَّ، سيماهم الذين يعرفون وأمرهم الذي يفتخرون به، وأعلم: أنه من أخاف لي وليًا فقد بارزني، وأنا الثائر لأوليائي يوم القيامة.وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري ومسلم وابن مردويه من طريق ابن عباس، عن أبي سفيان بن حرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل: «من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى».وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في الشعب، عن قتادة قال: التسليم على أهل الكتاب إذا دخلت عليهم بيوتهم أن تقول: السلام على من اتبع الهدى. اهـ.
والأصل وَناة. فأبدلوا الهمزة من الواو كأَحَد في وَحَد. وليس بالقياس، وفي الحديث: «إن فيك لخَصْلتين يحبهما الله: الحِلْمُ والأناة».والواني: المقصِّرُ في أمره. قال الشاعر: وونى فعلٌ لازمٌ لا يتعدى، وزعم بعضهم أنه يكون مِنْ أخواتِ زَال وانفك فيعمل بشرط النفيِ أو شبهِه عَمَلَ كان فيقال: ما وَنى زيدٌ قائمًا أي: مازال قائمًا. وأنشد الشيخُ جمالُ الدين بنُ مالكٍ شاهدًا على ذلك قول الشاعر: أي لا يزال الحُبُّ أي بضم الحاء شيمةَ الحِبِّ أي بكسرِها وهو المُحِبُّ. ومَنْ منع ذلك يتأوَّلُ البيتَ على حَذْفِ حرفِ الجرِّ؛ فإنَّ هذا الفعلَ يتعدى تارةً ب عَنْ وتارة ب في. يُقال: ما وَنَيْتُ عن حاجتك أو في حاجتك. فالتقدير: لا يَفْتُرُ الحُبُّ في شِيمة المُحِبِّ وفيه مجازٌ بليغ. وقد عُدِّيَ في الآيةِ الكريمة ب في.وقرأ يحيى بنُ وثَّاب {ولا تِنِيا} بكسر التاء إتباعًا لحركةِ النون. وسَكَّن الياءَ مِنْ {ذِكْرِيْ}.{اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43)}.وذَكرَ المذهوبَ إليه في قوله: {اذهبآ إلى فِرْعَوْنَ} وحَذَفه في الأولِ في قوله: {اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ} اختصارًا في الكلام. وقيل: أُمِرا أولًا بالذهابِ لعمومِ الناسِ ثم ثانيًا لفرعونَ بخصوصه، وفيه بُعد؛ بل الذهابان متوجِّهان لشيءٍ واحدٍ وهو فرعونَ بخصوصه، وفيه بُعد؛ بل الذهابان متوجِّهان لشيءٍ واحدٍ وهو فرعونُ، وقد حَذَفَ من كلٍ من الذهابين ما أثبته في الآخر: وذلك أنه حذف المذهوبَ إليه من الأول وأثبته في الثاني، وحَذَفَ المذهوبَ به وهو {بآياتي} من الثاني وأثبته في الأول.{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)}.وقرأ أبو معاذٍ: {قولًا لَيْنًا} وهو تخفيف مِنْ لَيِّن كمَيْت في مَيِّت.وقوله: {لَّعَلَّهُ} فيه أوجهٌ، أحدُها: أنَّ لعلَّ على بابها من التَّرَجِّي: وذلك بالنسبة إلى المُرْسَل، وهو موسى وهارون أي: اذهبا على رجائِكما وطَمَعِكما في إيمانه، اذهبا مُتَرَجِّيَيْنِ طامِعَيْن، وهذا معنى قولِ الزمخشري، ولا يَسْتقيمُ أن يَرِدَ ذلك في حق الله تعالى إذ هو عالمٌ بعواقب الأمور، وعن سيبويه: كلُّ ما وَرَدَ في القرآن مِنْ لعلَّ وعسى فهو من الله واجبٌ، يعني أنه مستحيلٌ بقاءُ معناه في حق الله تعالى. والثاني: أنَّ لعلَّ بمعنى كي فتفيد العلةَ. وهذا قول الفراء، قال: كما تقول: اعمل لعلك تأخذُ أَجْرَك أي: كي تأخذ. والثالث: أنها استفهاميةٌ أي: هل يتذكَّر أو يخشى؟ وهذا قولٌ ساقط؛ وذلك أنه يَسْتحيل الاستفهامُ في حق الله تعالى كما يستحيل الترجِّي. فإذا كان لابد من التأويل فَجَعْلُ اللفظِ على مدلولِه باقيًا أولى مِنْ إخراجِه عنه.{قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45)}.قوله: {أَن يَفْرُطَ}: {أَنْ يَفْرُطَ} مفعولُ {نخاف}. ويقال: فَرَطَ يَفْرُط: سَبَقَ وَتَقَدَّم، ومنه الفارِطُ. وهو الذي يتقدَّم الورادةَ إلى الماء وفَرَسٌ فَرَطٌ: يسبقُ الخيلَ، أي: نخافُ أَنْ يُعَجِّلَ علينا بالعقوبةِ ويبادِرَنا بها، قاله الزمخشري، ومِنْ وُرودِ الفارط بمعنى المتقدِّم على الواردة قولُ الشاعر: وفي الحديث: «أنا فَرَطُكم على الحَوْضِ» أي: سابقُكم ومتقدِّمُكم.وقرأ يحيى بن وثاب وابنُ محيصن وأبو نَوْفلٍ {يُفْرَط} بضمِّ حرف المضارعة وفتح الراء على البناء للمفعول، والمعنى: خافا أن يُسْبَقَ في العقوبةِ. أي: يحملُه حامِلٌ عليها وعلى المعاجلة بها: إمَّا قومُه وإمَّا حُبُ الرئاسةِ، وإمَّا ادِّعاؤه الإِلَهيةَ.وقرأ ابن محيصن في روايةٍ والزعفراني {أَن يُفَرِّطَ} بضمِّ حرفِ المضارَعَةِ وكسر الراء مِنْ أفرط. قال الزمخشري: مِنْ أَفْرَطَه غيرُه إذا حمله على العَجَلة، خافا أَنْ يَحْمِلَه حاملٌ على المُعاجلة بالعقاب، قال كعب ابن زهير. أي: سَبَقَتْ إليه هذه البِيْضُ لتملأَه. وفاعلُ {يَفْرُطَ} ضميرُ فرعون. وهذا هو الظاهر الذي ينبغي أَنْ لا يُعْدَلَ عنه. وجعله أبو البقاء مضمرًا لدلالة الكلامِ عليه فقال فيجوز أن يكون التقدير: أن يَفْرط علينا منه قولٌ، فأضمر القولَ لدلالة الحالِ عليه كما تقول: فَرَطَ مني قول، وأن يكونَ الفاعلُ ضميرَ فرعون كما كان في {يطغى}.{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)}.ومفعولُ {أَسْمَعُ وأرى} محذوفٌ فقيل: تقديره: أسمع أقوالكما وأرى أفعالَكما، وعن ابن عباس: أسمعُ جوابَه لكما وأرى ما يَفْعل بكما، أو يكون مِنْ حَذْفِ الاقتصار نحو: {يُحْيِي وَيُمِيتُ} [آل عمران: 156].قوله: {قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ}:قال الزمخشري: هذه الجملةُ جاريةٌ من الجملة الأولى وهي: {إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ} مَجْرى البيانِ والتفسير؛ لأنَّ دعوى الرسالةِ لا تَثْبُتُ إلاَّ بِبَيِّنَتِها التي هي مجيءُ الآيةِ. وإنما وَحَّدَ ب {آية} ولم تُثَنَّ ومعه آيتان؛ لأنَّ المرادَ في هذا الموضعِ تثبيتُ الدعوى ببرهانها، فكأنه قيل: قد جِئْناك بمعجزةٍ وبرهانٍ وحجة على ما ادَّعَيْناه/ من الرسالة، وكذلك قال: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [الأعراف: 105] {فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} [الشعراء: 154] {أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ} [الشعراء: 30].و{على مَنِ اتبع الهدى} يحتمل أَنْ يكونَ مأمورًا بقوله: فيكونَ منصوبَ المَحَلِّ كأنه قيل: فَقُولا أيضًا: والسلامُ على مَنْ اتَّبع الهدى، ويحتمل أَنْ يكونَ تسليما منهما لم يُؤْمَرا بقوله، فتكون الجملةُ مستأنفةً لا محل لها من الإِعراب. وزعم بعضُهم أن {على} بمعنى اللام أي: والسلام لمَنْ اتَّبع الهدى. وهذا لا حاجةَ إليه.قوله: {أَنَّ العذاب على مَن كَذَّبَ}:{أنَّ} وما في حَيِّزها في محل الرفع لقيامِها مَقامَ الفاعل الذي حُذِف في {أُوحِيَ إِلَيْنَآ}. وسببُ بنائِه للمفعول خوفًا أن يَبْدُرَ مِنْ فرعونَ بادرةٌ لمَنْ أوحى لو سَمَّياه، فَطَوَيا ذِكْرَه تَعظيمًا له واستهانَةً بالمخاطب. اهـ.
|